زها حديد تستوحي تصميم البرلمان الجديد من بنايات بغداد القديمة وتجربتها الديمقراطية الحديثة  
ما إن أطل العام 2013 على الحكومة العراقية، حتى أضحى برلمانها قاب قوسين أو أدنى من حله، بعد الدعوة إلى انتخابات مبكرة، الأمر الذي ينذر بتجدد الاقتتال والحرب الأهلية في البلاد، وفقا لتقارير نشرت في وقت سابق من هذا الشهر. وحمل العام الجديد معه أحداثا خطيرة أبزها مكوث الرئيس جلال طالباني في مستشفى بألمانيا لتلقي العلاج بعد اصابته بجلطة قد تفقده حياته، فيما يتواجد أحد نائبيه، طارق الهاشمي، في المنفى بعد اتهامات وجهت له بإدارة فرق موت سرية، في وقت شهد مجلس النواب فيه خلال الاسبوع الماضي، عراكا بالأيدي بين كتلتين كانتا حليفتين بالأمس القريب. لذلك، فإن الاعلان عن تصميم جديد للبرلمان بكلفة مليار دولار، قد يشكل مفاجأة في خضم هذه الأحداث الكبيرة. تقول صحيفة الغارديان أن "البناية الجديدة من تصميم شركة التقاء المعماريين التي يوجد مقرها في لندن، ولا يعرف إن كان من الممكن أن تكون هذه الخطة مرهما للاضطرابات التي يشهدها العراق حاليا". وتصف الصحيفة البريطانية التصميم الجديد للبرلمان، بأنه "سلسلة من أشكال هندسية بسيطة مشرقة وبيضاء، تحيط بها عدد من الشوارع المصفوفة والساحات". ويعتبر "المخطط هو نتيجة الفوز بمنافسة دولية أطلقت في تشرين الثاني من العام 2011". وتلفت الغارديان إلى أن موجز المسابقة دعا إلى "نصب تذكاري يرمز إلى الحضارات المعمارية، وتاريخ العراق العظيم ونهضته، بالاضافة الى التحولات الحالية والجديدة ودورها في المستقبل، وتأثيرها المميز في الحضارة الإنسانية"، وتمضي بالقول أنه "ينبغي لهيكل البناية أن يعكس الجدية، الرصانة، والكرامة" . وتوضح أن "أكثر من 130 تصميما شاركت في المنافسة لوضع شكل جديد لمبنى مجلس النواب الجديد، إلا ان القائمة النهائية، ضمت 32 فقط". ونوهت إلى أن "اللجنة التحكيمية المشرفة على هذه المسابقة، كانت مؤلفة من بيرزكوف، المدير السابق لشركة ريبا، بالاضافة إلى براساد يوناند، المدير السابق لشركة كيب هايغ دي"، منبهة الى أن "من المقرر أن يتم بناء المشروع على موقع مساحته 50 هكتارا، بالقرب من مطار المثنى المهجور". وتحدد الصيحفة موقع تنفيذ المبنى الجديد بأنه "يقع تحديدا في الموقع الذي بدأ فيه صدام حسين ببناء مسجد عملاق، إلا أن أعمال بناء المسجد قد توقفت قبل 10 سنوات، عند الغزو بقيادة الولايات المتحدة، وكل ما تبقى من هذا المشروع هو عبارة عن سلسلة بائسة من الأعمدة بطول 45 مترا، إلا أن المهندسين المعماريين استطاعوا بذكائهم، دمج هذه الاعمدة ضمن هيكل بناية البرلمان المقترح". وتنقل الغارديان عن هانا كورليت، مدير شركة التقاء المعماريين، قوله "أردنا اتباع التصاميم الحضرية، بدلا من أسلوب البنية الواحدة الضخمة"، موضحا "ويشمل التصميم سلسلة من الشوارع المحيطة، مع فتح باحات الدوائر الحكومية، وبنايات مخصصة للسكن والمكاتب، كذلك مراكز طبية ومكتبات". ويرى، بحسب الغارديان، أن "حرم بناية البرلمان المقترح كان جذابا للغاية". ويضيف أنه "يخلق علاقة قوية بين الجمهور وممثليه، وكذلك حالة جماعية بين الإدارات، كما انه يخلق مساحة للاجتماعات، مع فرصة للتدفق الحر من خلال الموقع". وتوضح الصحيفة أن "هيكل البرلمان سيكون مثقبا، وترتفع ضمنه 3 بنايات بيضاء، محاطا بشوارع تستوحي البنايات القديمة لبغداد، أما البناية الرئيسة للبرلمان، فتأخذ شكل دائرة محاطة بشاشات لخلق ايقاع التغيير، والتي يصفها بيتر بيسلي بأنها "هندسة اتفاق للسلام". ويوضح بيسلي لـ"الغارديان" ان "الرسم الاول للمخطط، كان على ظهر الطائرة، ونحن عائدون من المؤتمر الصحفي، حيث كان هناك شخص ينظر إلى طبيعة العراق ويتحدث عن حضارته". ويبين أن "هذا ولّد احساسا لدينا، بأن البناية عليها أن تستوحي التجربة الديمقراطية الحديثة في العراق أيضا". مؤسسة شركة التقاء هي المهندسة المعمارية العراقية المولد، زها حديد، والتي كان والدها عضوا بارزا في الحزب الوطني الديمقراطي في البلاد إبان الخمسينيات من القرن الماضي. وتؤكد الصحيفة البريطانية أن "تصميم شركة حديد، هو المرشح الواضح للفوز ببناء رمز جديد لدولة تنهض من الدمار، ومن المؤكد أنه حلم ايضا بالنسبة للمعمارية البالغة من العمر 62 عاما". ويختم بيسلي بالقول "سيكون رائعا لو تم بناء التصميم، وتحولت إلى بناية محببة إلى قلوب العراقيين، سنكون سعداء بذلك حتى وأن لم يتذكر العراقيون من صممها". ( المصدر :alaalem)